الأحد، 31 يناير 2010

الخلخال يرن.. والمصران يزُن


طارق عبد السلام الهوني 

ليبيا ستطلق 150 مليار دولار خلال الثلاث سنوات القادمة وتخصص 57 مليار دينار مع شوية "رقاق" في خانة مئات الملايين ..    


الرقمان أعلنهما أمين اللجنة الشعبية العامة الأول مخصص للاستثمار في مشروعات تتعلق بالسياحة والصناعة والزراعة والثاني مخصص لميزانية سنة 2010 التي ستشهد بعد أشهر حدثا يدير أعناق أكثر من مليار نسمة ويلفت وجوههم نحو جنوب القارة الفقيرة ويجبرها على التسمر أمام الشاشات للفرجة وبأنبهار على كرنفال إفتتاح كأس العالم ومتابعة أحداثه التي ستدور على منشآت ومرافق وبنى تحتية أستحدثت مؤخرا وخلال سنوات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة وبقيم  وأرقام من نفس سلالة التسع أصفار التي يعلن عنها عندنا في بداية كل عام ولا نراها تثمر أو تنبت..!   

هذه الإشارة ليست للتقليل من هيبة الرقم الأول أو للتصغير من فخامة الثاني بقدر ما هي إشارة لما يمكن أن يفعله وما يعنيه المليار في أضخم الأحداث الدولية والمهرجانات العالمية .. بمعنى أن الأرقام ذات التسع أصفار لا بد وأن تصنع شيئاً ولا يمكن إلا وأن ترى وتكون واضحه للعيان حتى ولو تصرف على اللعب واللهو فما بالك حين توظف للمعيشة وتنفق على الأكل والشرب..!   
سنوات عدة تمر وتتوالى وتتراصف لتصبح عقودا ونحن نسمع في بداية كل سنة منها عن مثل هذه الفصيلة من الأرقام الضخمة لنطلع في نهاية كل عام منها على تقارير وميزانيات تؤكد وبالدراهم آلية صرفها على القطاعات النوعية التي تفرقها وتجزئها لنا مقابل بنود تقول بأنها قد وفرتها وأنجزتها على أرض الواقع..!!  
وأصبح الأمر أشبه بما يعرف في لغة السوق ((شراء جملة وبيع قطاعي)) وتحول المشهد إلى رزم من المليارات معروضة في (فترينة) الخزينة العامة يتقدم لها تاجر جملة (وزارة) لشرائها بضمان سمعه ونزاهة القائمين عليها فقط لتولي الإشراف على إعادة تصديرها وتسويقها مجزئة كخدمات وسلع يحتاجها المواطن البسيط في حياته على أن يتم ذلك وفقاً لما يحددونه هم ويرونه مناسبا لمصلحة المستهلك النهائي الذي يبدو أنه غير رشيد للقيام بذلك أو المساهمة فيه ولا يجب عليه سوى مد اليد والوقوف بلا اعتراض في طوابير لإستلام الخدمة على أن لا ينسى الدعاء والشكر والابتسامة لهم لمجرد أن يتم ذلك..!   
نعم نحن عند الجهاز الإداري للدولة "حيا الله" زبون نقناق يقف في آخر الطابور لا يشعر بمعاناة إيصال الخدمات التي بين يديه ويجحد جودتها وينكر رفاهيتها بل وأنه مزعج وممل حتى في سداد قيمتها التي عليه.. بينما نحن في المقابل "نتخيل" عدم إنجاز وتوفر الخدمة والسلعة من الأساس ونظن بأنها رديئة في حال ما توفرت.. وهذا عيب فينا نأمل من "الحكومة" أن لا تأخذنا بذنبه..   نأكل وننكر.. 
ونملاء المعدة أكثر من اللازم ثم ننام ونحلم بأننا بلا سكن ولا عمل ولا مجاري ولا كباري وكلما نتقلب في الفراش نعتقد بأن الطرق غير ممهدة وملأى بالحفر والمطبات بل وأحيانا نمشي أثناء النوم في الشوارع ونرى المدارس مكتظة بالتلاميذ والمستشفيات ملأى بالمرضى وهدم هنا وبناء هناك وحدائق وخضرة وخضار "وعوضين" في وسط البراكة يبيع والحليب يصل أمام الباب والجريدة تحته.... و"نوض" يا ناكر المعروف!!!..

نقلا عن موقع " ليبيا اليوم "

الخميس، 21 يناير 2010

الجدار الفولاذي عار على الجميع

بينما حماس تحتفل بالذكرى ال 22 على تأسيسها شرعت الحكومة المصرية في بناء جدار بطول 10 كيلو مترات على الحدود بين مصر وقطاع غزة فقط في رسالة فولاذية واضحة المعالم مضمونها هو تركيع حماس!!!؛ وقد أثار بناء الجدار حالة جدل وصخب ونقد وهجوم...

الأخبار الواردة عن الجدار تقول أنه جدار فولاذي بعمق مابين 18 متر إلى 30 متر تحت الأرض، وزادت الأخبار بوجود مواسير مياه تحت الأرض وتيار كهربائي لإغراق وصعق كل من يتسلل!!!

الحكومة المصرية أعلنت على لسان متحدثها أن الجدار أمن قومي ومن أعمال السيادة، وعلى الجانب الآخر الشعب الفلسطيني وحركة حماس والمنظمات الفلسطينية نددوا وشجبوا وهاجموا بناء الجدار إلا السلطة وأبو مازن فقط هم المؤيدون فلهم الخزي والعار!!!، وقد صاحب ذلك فتاوى من علماء في أماكن كثيرة بحرمة بنائه...

ومع الجدار الفولاذى أتوقف تلك الوقفات الهامة مع ذلك الحدث الذي لن يتركه التاريخ:

1- تساؤل فرض نفسه... إذا كان من مصلحة النظام المصري لأمنه القومي كما يدّعي بناء الجدار فلماذا لا يتم بناؤه على طول الحدود المصرية كلها مع العدو الصهيوني؟!؛ فخطر العدو الصهيوني هو الخطر الحقيقي الذي لا جدال فيه مطلقاً، وهو العدو الاستراتيجي لمصر والعرب (سابقاً كما يريد العرب الآن) وحاليا كما هو الواقع... أما بناء الجدار على الحدود مع غزة فقط فهو خنق لآخر نفس لحرية الطعام لأهل غزة!!!

2- بناء الجدار الفولاذي فقط في منطقة الحدود مع غزة واضح أنه رسالة فولاذية لسلطة حماس في غزة، وذلك بسبب استقلال رأي حماس وذلك برفض حماس الإذعان والتوقيع على المصالحة التي ترعاها مصر، بل وسعت إلى إدخال أطراف أخرى مثل ألمانيا في صفقة الإفراج عن شاليط الأسير الصهيوني، بخلاف دخول حماس في أطر إقليمية أخرى غير مصر (سوريا - إيران - قطر)...

ولكن هل يكون الرد على مواقف سياسية لسلطة حماس بتشديد الحصار على شعب غزة المسلم المحاصر الذي لا منفذ له إلا الأنفاق والجدار يغلقها تماماً!!!!... إلى الله المشتكى...

2- البعض في الحكومة المصرية يقول أنه لمنع المتسللين، خاصة مع ظهور قضية حزب الله في مصر ودخول بعض العناصر لتنفيذ عمليات ضد العدو الصهيوني، وتأمين الحدود حق سيادي لا خلاف فيه ولكن الوسيلة لتأمين الحدود هي المنتقدة لا تأمين الحدود؛ لذلك كان النقد الذي شبه الجدار المصري بالجدار العازل الذي بناه شارون تشبيه حقيقي ومحزن!!!

اللافت أنه قد ثبت تسلل من مناطق الحدود مع العدو الصهيوني فلماذا لا تغلق؟!!

4- كان لافتًا انتقاد شخصيات أوروبية ومنظمات أوروبية للجدار في وقت صمتت فيه كثير من المنظمات والشخصيات العربية تماماً، بل لا وجود مطلقاً للجامعة العربية وأمينها العام!!!!

وإذا كان البعض يقول أن الجدار عار على مصر فالحقيقة أن العار يلحق جميع العرب الذين صمتوا وأبو مازن ومن معه الذين أيدوا!!!

5- من اللافت أن جماعة الاخوان المسلمين انشغلت أو شُغلت بمشاكلها الداخلية واكتفت بمواقف التنديد فقط ولم تتحرك شعبياً رغم أن الوقت يوافق مرور عام على العدوان الصهيوني على غزة؟؟؟، واللوم يقع أيضاً على كل الجماعات الإسلامية والمسلمين الصامتين في العالم والنخب المثقة الذين اكتفوا بالتنديد والشجب!!

6- البعض يتخوف ويقول أن بناء الجدار والحديث المصري عن الأمن القومي ربما معناه توفر معلومات عن حرب صهيونية أخرى على غزة لإنهاء سلطة حماس أو ترقب ظهور انقلاب دحلاني أمريكي جديد على سلطة حماس في غزة وهو نذير خطر شديد (فاللهم عليك باليهود ومن والاهم)...

وقيل أن مصر تحافظ على حدودها كي لا يحدث ما حدث من قبل منذ ما يقرب من عام ونصف عندما اندفع ما يقرب من نصف مليون غزواي نحو الحدود المصرية وكسروا الحواجز ودخلوا إلى مصر وتجولوا في محافظاتها وقد قيل وقتها أنه انتهاك قانوني واضح، ولكن القانون الدولي يسمح بفتح الحدود رعاية اللاجئين لدول الجوار فى الحروب!!!؛ بخلاف أن الإسلام فرض ذلك بإيواء ونصرة المظلوم الملهوف والفلسطينيون يتعاملون مع مصر بمنطق الأخوة لا منطق الحدود وبينهم والمصريين علاقات نسب ورحم، وغزة كانت لوقت قريب تحت السيادة المصرية...

ويبقى أن الأخبار تردد أن بناء الجدار جاء بضغوط أمريكية اسرائيلية والأخبار لها مصداقية بما سبق من تصريحات وتوجهات صهيو أمريكية حول الأنفاق وما قيل عن رغبة صهيو أمريكية لضبط الحدود المصرية مع غزة ولكن إذا كان الصهاينة والأمريكان يضغطون لحماية ظلمهم واحتلالهم لفلسطين والأقصى فأين العرب والمسلمون وصمودهم وضغوطهم من أجل حماية إخوانهم في فلسطين ومنع حصارهم وتجويعههم وتركيعهم للظلم والاحتلال؟!!!... إنه حقا جدار العار على الجميع...

وأخيرًا مر ثلاثون شهرًا على إحباط حماس الانقلاب الدحلاني الصهيو أمريكي وانفرادها بحكم غزة فيما يشبه جمهورية صغيرة، ومر عام على العدوان الصهيوني على غزة الذي تسبب في استشهاد ما يقرب من1500 وجرح 5000 وتهدم مئات المنازل، ومرت سنوات على حصار غزة وبقيت غزة صامدة لذلك لن يغير الجدار من صمود شعب غزة طالما أنهم صابرين محتسبين قريبين من الله مالك الملك...

فاللهم انصر غزة وأهل غزة المسلمين الموحدين على كل أنواع الظالمين المجرمين..
.


ممدوح إسماعيل
محام وكاتب
Elsharia5@hotmail.com



نقلا عن موقع طريق الإسلام

الخميس، 14 يناير 2010

وهذه لماذا لا تستوردونها؟؟


وهذه لماذا لا تستوردونها؟


قبل بضعة أيام ذهبت إلى أحد محلات الأزياء في لندن حاملة معي قميصين قد أصابهما بعض التلف، أحدهما بعد أن ارتديته مرة واحدة، والآخر بعد أن ارتديته مرتين ولم يكن معي وصل الشراء للثاني. لم أكن متأكدة من ردة فعل المحل، ولم أكن أمني نفسي بأكثر من اعتذار أو إعطائي استمارة شكوى لتعبئتها، وربما بديلاً عن أحدهما. لكن ما حصل هو أن مديرة الفرع اعتذرت دون مناقشة وقالت موضحة: بالنسبة للقميص الأول فقد لاحظنا ذلك.. وأبلغنا المدراء عنه، فالحرير الذي صنع منه سريع التلف وسنعيد لكِ المبلغ كاملاً.. أما القميص الثاني فلم يسبق أن وردتنا بشأنه مشكلة لكننا سنكون سعداء بأن تختاري أي بديل عنه في نفس الفئة السعرية.. هل هذا الحل مناسب ويرضيكِ؟
*******
ليست هذه هي المرة الأولى بالطبع التي يخبر فيها المرء الذي يعيش في الدول المتقدمة هذه المعاملة المحترمة من قبل المحلات والمطاعم وغيرها من الأماكن التي يتعامل معها “المستهلك”. فحين حضرت مؤتمراً علمياً في مدينة “كوبيك” الكندية، بدّل النادل طلبي مرتين حين لاحظ أنني لم آكل منه وحين جاءت الفاتورة النهائية لم أجد الطبق ضمن القائمة، وحين سألته عن السبب رد عليّ قائلاً: وكيف نجعلك تدفعين ثمن طعام لم يعجبك ولم تأكليه وتستمتعي به؟
ويتكرر الأمر حتى ليظن المرء بعد فترة بأن هذا هو الأصل في الأمور ولم نعرف حالاً غير هذا ، فعبارة: البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل.. ليس لها مكان هنا
وحتى يمكن أن تستمر الأعمال التجارية هذه في القيام بهذه الأمور دون أن تعلن إفلاسها فيجب أن تتوفر عدة عوامل في البيئة التي تعمل فيها، فهناك قيم الثقة والصدق والاحترام المتبادل، سواء بين الشعوب وحكوماتها، أو بين أفراد الشعب نفسه وذلك غير متروك للنيات الطيبة والأخلاق الحميدة والضمائر الحية فحسب وإنما هناك قانون يحمي لكل فرد حقه إلى حد كبير. وهناك تربية مدرسية وإعلامية وأسرية تدفع باتجاه هذا السلوك وهذه القيم، التي يعد الخروج عليها مذمة ومنقصة شديدة

*******
عندما عدت سعيدة بما حصل معي في محل الأزياء، كتبتُ ذلك في خانة الحالة على صفحتي في الفيسبوك وأنا أجزل الإطراء لمحلي المفضل، فإذا بتعليقات صديقاتي العزيزات تنبهني لأمر مهم وهو انها قيم بريطانيا وليست قيم المحل! فالمحل ذاته لا يتعامل بنفس الطريقة مع زبائنه في السعودية
هذا الأمر صحيح حتى على صعيد الشركات الأجنبية العاملة عندنا، ففي حين أنها تساهم في تنمية المجتمعات الغربية التي تعمل فيها عن طريق دفع ضرائب عالية وعن طريق تنظيم نشاطات اجتماعية وإنسانية، كما تتعامل مع موظفيها هناك بنزاهة كبيرة، فإنها لا تقوم بالشيء نفسه في مجتمعاتنا ولا مع موظفيها من المواطنين المحليين. فهي تستفيد إذن من بيئتنا التجارية المعفاة من الضرائب ولكنها لا تقوم بالمقابل بإفادة المجتمع كما يُنتظر منها
بل حتى شركاتنا ومؤسساتنا “العملاقة” التي تأسست على نهج غربي، والتي أقنعتنا بأنها بحاجة إلى بناء مجمعات “كمباوندات” خاصة لتعمل في بيئة مشابهة للبيئة الأم باعتبار أن الأمر كلٌ لا يتجزأ حتى لو تعارضت هذه البيئة الصناعية مع القيم المحلية، فإنها في الوقت نفسه لم تقم بتطبيق القيم الغربية المتعلقة بالمساواة وحقوق العمال. فالمرأة السعودية العاملة فيها لا تنال حقوقاً مساوية لزميلها الرجل، وهذا الرجل لا ينال راتباً مساوياً لزميله الأجنبي وإن أديا نفس الوظيفة، ولا يحق له التوقف عن العمل احتجاجاً على سبيل المثال دون أن يتعرض للفصل، في حين أن هذه القيم مكفولة لنظيره الأجنبي

*******
حينما أنظر للأمر أجده كاريكاتيرياً إلى حد كبير، فنحن نرغب في أن نقلد الغرب في كل شيء ونستورد منه كل منتجاته، علنا نصل بذلك إلى الدرجة ذاتها من الحضارة والرقي، ونتساءل: لماذا لم تتطور بلداننا حقيقة بعد؟ لماذا مازلنا – رغم الثروة – في نادي الدول النامية؟
وننسى بأن كل منتج يحمل معه قيمة البلد الذي جاء منه. وحين ندرك ذلك نقرر – بذكاء منقطع النظير- أن نستورد تلك القيمة اللازمة حتى نتطور بسرعة! ثم وبنباهة – منقطعة النظير أيضاً- نقوم باستيراد القيم التي لا تناسب بيئتنا ولا تتماشى مع قيمنا ولا مع الأسس التي تقوم عليها بلادنا في حين نفشل وبجدارة في استيراد القيم الأفضل من ثقافة الآخر والتي لها أصل في حضارتنا مما لن يجعل التكيف معها صعباً
قبل أن يرد أحدٌ ليقول بأنه من المستحيل أن تنجح فكرة أنصاف الحلول هذه، وأنه للحاق بقطار الحضارة الحالي علينا أن نأخذ الجمل بما حمل، أقول دونكم دولتان: اليابان وماليزيا. فقد استوردتا ما ينفعهما، وتركتا ما لا يتواءم مع ثقافتهما، بل وعملتا على تطوير صناعتهما وبالتالي أصبحتا تستوردان و تصدران، ولا يكاد يخلو بيت أمريكي من منتج من اليابان التي ألقت عليها أمريكا ذاتها قنبلتين نوويتين قبل ستين سنة فقط

*******
إنها قضية إيمان وإباء وإرادة وتفكير خلاق: إيمان بالنافع من القيم المحلية، واعتزاز بالهوية والتاريخ، وفي نفس الوقت إرادة لتغيير السلبيات وتطوير الوطن، وتفكير خلاق يجعل ما تمليه هذه الإرادة ممكناً ومقبولاً
*******
-مرام عبدالرحمن مكاوي- 
نقلا عن مجموعة "طـارق فـاروق " البريدية

عندما نظرت في قلوبهم


عندما نظرت في قلوبهم
وجدت سيلاً عارماً من الحنان
وجدت الأمان والاطمئنان
رأيت المشاعر تتدفق
وأمل المستقبل وذكريات الماضي الجميل
وجدت عالمي كله هناك
في قلوبهم وجدتني أنـا
طفل مدلل تحاط بكل حب وخوف

إنه قلب أمي وأبي
*******
عندما نظرت في قلوبهم
وجدت شمساً منيرة
ونوراً ساطعاً
غمرني بالبهجة والتألق والمعرفة
أضاؤوا دربي وزرعوا فيه العلم والإدراك
وكانوا شمعة مضيئة في ظلام ليل حالك

إنه قلب أساتذتي
*******
عندما نظرت في قلوبهم
رأيت نفسي.. أميراً
في قلعة حصينة
وجدتني لؤلؤة ثمينة
هم ملاذي في قسوة الزمن
وظلي من هجير الشمس

إنه قلب إخوتي
*******
عندما نظرت في قلوبهم
رأيت أحاسيس خجلى
وردية اللون
تتوارى خلف حجب من الغيوم الزرقاء
تكاد تفصح عن نفسها
في زلات اللسان.. وجرات القلم
نشتاق لهم.. بصمت
وتصبح الحياة أجمل بوجودهم
إنهم أشخاص لا يتكرّرون في حياتنا
*******
عندما نظرت في قلوبهم
وجدت ذكرياتي
وأسراري
وانطباعاتي
وجدت مشاركة وجدانية
وعالماً يحتويني بكل حالاتي
وجدت من يمسح دموعي ويفرح لابتسامتي
ومن يدرك معنى نظرة عيناي
وجدت صدراً حنوناً وقلباً أبيضاً كباقة ورد بيضاء
إنه قلب صديقي
*******
عندما نظرت في قلوبهم
لم أتوقع نبلهم وطيبتهم اللامحدودة
إنهم معادن نفيسة
ودرر ثمينة
أغلى من الألماس
وأصفى من الذهب الخالص
يعطون بلا مقابل
ويرحلون..

أنهم أصحاب قلوب بيضاء لا يتواجدون بكثره في هذا الزمن
*******
عندما نظرت في قلوبهم
وجدت إحساساً بشعاً
وعالماً أسوداً مخيفاً
وجدت القلب يبطن عكس مايظهر الوجه
رأيت الأنانية هناك تختال بلا منافس
ورأيت الحقد والغش والمصالح وقد علت صروحها
أصابني الذعر لما رأيت
فقد ظننتهم أحبابي
ولم أتوقع أن ابتسامات الشفاه هي طعنات في الظهر
تلك القلوب لم يكن اكتشافها أمرا سهلا
إنه أمر متروك للمواقف الصعبة أو الظروف القاهرة
إنها قلوب ذوي الأقنعة
*******
نقلا عن مجموعة "طـارق فـاروق " البريدية

الجمعة، 8 يناير 2010

الإسلام يغزو العالم


الإسلام يغزو العالم

 
 
كنت مؤخراً أطالع بعض المقاطع في اليوتيوب تتحدث عن مدى انتشار الإسلام في أوروبا وأمريكا، ومن ضمن ذلك إحصائيات عجيبة كنت أقرأها حول ازدياد الهجرة ومعدل الإنجاب، وفي المقابل تقلص الشعوب الأخرى
تقول إحدى الدراسات في ما أسمته ديموغرافية المسلمين أن المعدل الطبيعي للخصوبة
(Fertility Rate)
المفترض تواجده في أي مجتمع لكي يحافظ على نسله لأكثر من 25 عاماً هو طفلين و11 بالمئة 2،11 للعائلة الواحدة، بمعنى أنه كلما زادت النسبة فإن هذا الشعب يتكاثر، وبالمقابل فإن تقلص النسبة يعني توقف التكاثر، ومن ثم التناقص التدريجي لعدد السكان

*******
تاريخياً لم يسبق لشعب وصل لنسبة 1،9 أن ارتفع معدله مجدداً، أما عندما يصل المعدل في مجتمع ما إلى 1،3 فإنه يستحيل عليه العودة للمعدل الطبيعي ويحتاج 80 إلى 100 سنة لتحقيق ذلك. بمعنى أنه عندما تكون هناك عائلتين ولكل منهما بنت وولد، لو تزوج هذان الطفلان وأنجبا طفلاً واحداً حسب النسبة، فقد بدأت العائلتين بالتناقص تدريجياً. وكما تتقلص العائلة، فإن المجتمع يتقلص بالمثل
في العام 2007 كان معدل الخصوبة في فرنسا 1،8 ، إنجلترا 1،6 ، ألمانيا 1،3 ، إيطاليا 1،2 ، إسبانيا 1،1 .. والمعدل العام لدول أوروبا هو 1،38 .. وفي مقابل هذه النسب يزداد عدد المهاجرون العرب والمسلمون لأوروبا بشكل كبير، وهناك في فرنسا مثلاً بلغ معدل الخصوبة للمسلمين 8،1 مقابل 1،8 للفرنسيين
عدد المساجد في فرنسا  تجاوز عدد الكنائس بحسب أحد التقارير، حيث أن عدد المساجد تخطى 1500 مسجد، وهذا الأمر دعا كبار أعضاء الفاتيكان للتحذير من أسلمة أوروبا، وأصبح أحد أهم الأسئلة التي يسعى الفاتيكان لحلها هو لماذا هذا الإقبال الكبير على المساجد مقابل الفراغ وأزمة الرواد التي تعيشها الكنائس؟!.. 30% من السكان تحت 20 عاماً في فرنسا مسلمون، ويزداد هذا العدد في المدن الكبيرة مثل باريس ونيس ليصل إلى 45%، وبحلول عام 2027 سيكون خمس الشعب مسلمون.. أما بعد أربعين سنة فستصبح فرنسا جمهورية إسلامية

*******
في بريطانيا ازداد التواجد الإسلامي خلال ثلاثين سنة من 82 ألف إلى مليونين ونصف مسلم، و تجاوز عدد المساجد 1000 مسجد. وفي هولندا نصف المواليد الجدد مسلمين، وخلال 15 سنة فقط سيكون نصف الشعب مسلم. أيضاً في روسيا هناك 23 مليون مسلم (خُمس عدد السكان)، وفي بلجيكا ربع السكان مسلمين، فيما يبلغ عدد المواليد الجدد المسلمين 50في المائة
ومؤخراً أقرت الحكومة البلجيكية بأن ثلث المواليد الجدد في اوروبا سيكونون لعوائل مسلمة بعد أقل من 16 سنة. في حين أقرت الحكومة الألمانية بأن معدل الخصوبة في ألمانيا لا يمكن زيادته، وأنها خلال أربعين سنة ستصبح ولاية إسلامية

*******
حالياً يوجد 50 مليون مسلم في أوروبا، ويتوقع تضاعف هذا العدد خلال 20 سنة إلى 100 مليون. وبدون النظر للإحصائيات في أمريكا وكندا، فإن الدراسات تؤكد أن تضاعف أعداد المسلمين سيجعل من الدين الإسلامي الدين الأول عالمياً خلال 5 إلى 7 سنوات فقط
إحدى الدراسات تشير إلى أن المعدل العالمي للخصوبة هو 1،5 وهذا يعني أن الزيادة في عدد سكان العالم ستتقلص بشكل كبير، فجميع دول اوروبا وأمريكا الشمالية لا يتجاوز معدلها 2، وفي المقابل فإن جميع الدول الإسلامية يزيد المعدل فيها عن 3 ويصل الى 7 في بعض الدول

*******
بعد هذا الكم الكبير من الأرقام عدت بذاكرتي لحديث المصطفى: تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم، ولا تكونوا كرهبانية النصارى، وكذلك حديث: ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين.. وهل هذه الأرقام تؤكد عودة الإسلام للواجهة من جديد بعد أجيال من الانحسار، والسؤال الأهم: هل المسلمون مستعدون للسيطرة على العالم، أم سيظلون كغثاء السيل؟
*******
-مدونة: شطحات بقلم عادل
نقلا عن مجموعة " طـارق فـاروق " البريدية

الخميس، 7 يناير 2010

هل الرّقي ببلادنا صعب لهذه الدرجة؟

هل الرّقي ببلادنا صعب لهذه الدرجة؟


هل فعلا نحتاج لمجهودات خارقة وجبارة، لنرقى ببلادنا؟
*******
إليك حكايتي
ذات يوم، وأنا أتجول بالدراجة الهوائية، صادفت أنبوب ماء شرب قد انفجر، الماء العذب الصافي ينسكب على الطريق ولا أحد يستطيع إيقافه.. الأنبوب ملكية عمومية لأجل إمداد المنازل بالماء الشروب، كما هو معلوم
أكملت سيري وأنا أدري بتواجد مكتب لشركة الماء في الطريق، وصلت وأخبرتهم عن الأنبوب المنكسر وسيلان المياه، ثم انصرفت لجولتي
ساعة بعدها وأنا عائد للبيت من نفس الطريق، وصلت لأنبوب إمداد الماء الشروب ذاك فوجدت مجموعة عمال يقومون بإصلاح الخلل، سيارة تابعة لشركة الماء بالإضافة إلى الشخص الذي أخبرته قبل ساعة عما رأيت
جرني الفضول للإقتراب، وفهمت من الشخص ذاك أنني الوحيد من بلّغ عن تسرب الماء العذب هنا
*******
لحظة، أتساءل
كم شخصا مر قبلي من نفس المكان ولم يبلغ عن التسرب؟
كم شخصا يقيم بالحي ورآى التسرب من بدايته، ولم يبلغ الشركة؟
كم شخصا تأذى من الأرض المبتلة فبدأ يلعن شركة الماء ويرميها بالإهمال؟
كم شخصا يقول إننا متخلفون لكنه لا يحرك ساكنا؟
كم شخصا ثرثر كثيرا عن المياه تلك لكنه لم يقم بأي رد فعل؟
*******
لست أزكي نفسي هنا، ولا أذكر القصة تفاخرا
لكن يومها، أحسست أن التغيير للأفضل ليس صعبا للغاية، معظمنا لا يقوم بأي جهود تذكر للرقي ببلده، ومعظمنا يشتكي من بلادنا المتخلفة! كم نحن متناقضون
هل ننتظر من شركة المياه تلك أن تكلف نائبا لها في كل حي ليبلغها عن أي تسرب أو خلل؟ لن يحدث ذلك أبدا. إذن لم لا نبادر إلى التبليغ ولو حتى بالهاتف (الذي لن يأخذ أكثر من 5 دقائق) عن أي عطب وخلل عوض أن نثرثر كثيرا حول خدماتنا المتخلفة وبلادنا العاجزة وشركاتنا الناهبة وشعوبنا المغفلة وووو
حكمة صينية قديمة تقول: لا يحدث شيء عظيم أبدا بمجرد الجلوس، وهنا أستعير الفكرة فأقول: لا يحدث شيء عظيم أبدا بمجرد الثرثرة وكلام المجالس الفارغ
*******
الحكاية فوق لا تنحصر في مجال شركة الماء فحسب، بل تتعداها لسائر تفاصيل الحياة
ـ يحترق مصباح عمود إنارة عمومي، جميع الجيران متضررون، يشتكون من الظلمة الحالكة، يخافون من اعتداء أحدهم، يسبون المسؤولين ولا يفتؤون ينتقدون إهمالهم.. مر أزيد من شهر والمصباح لا زال في سباته الشتوي.. الأهم: لا أحد من المتضررين قام بمحاولة إصلاح.. لا أحد قدم شكوى لا أحد بلغ شركة الكهرباء أو البلدية.. لا أحد توقف عن الكلام وحاول إصلاحا.. شهور ثم قرر أحدهم التبليغ عن المصباح، يومين وعادت الإنارة
ـ تحمّل برنامجا من الانترنت فتجده لا يدعم العربية، كثيرون يستنكرون الحضور المخجل للعربية في عالم التقنية، البرنامج يدعم البرتغالية والكورية واليوغوسلافية، لكن العربية؟ لا بالطبع! إذن الشركة إسرائيلية يهودية امبريالية ماسونية رأسمالية معادية للإسلام والعروبة وهلم جرا من الخزعبلات
السؤال الآن: هل أرسل أحد المستنكرين رسالة لبريد الشركة يطلب منهم دعم العربية في إصداراتها المستقبلية؟ هل نقوم بدعم التقنية المحلية والمبرمجين المحليين؟ هل حاولنا يوما المساهمة في تعريب برمجية حرة ومفتوحة المصدر تجدها مترجمة لعشرات اللغات إلا العربية؟
ـ تستخدم الحافلة للسفر فإذا بالجالس جنبك يسترسل في الكلام عن الكراسي الضيقة والزجاج المتسخ والسائق الأرعن! ثم ينتقل إلى التعريفة الغالية وتأخر الحافلات عن مواعيدها.. كل هذا يبقى مجرد كلام لا يسمن ولا يغني من جوع، هل قام أحدنا بتقديم شكواه لشركة الحافلات؟ هل سجل أحدنا رقم الحافلة واتجه لشركة الحافلات يبلغهم عن السائق المسرع الذي يعرض حياة الركاب للخطر؟ هل اتصل أحدنا بشركة الحافلات ناقما على تأخر الحافلة عن موعدها؟
تحدثت مع مسؤول استقبال في مقر شركة الحافلات تلك، أكد لي أنه لم يتلق أي شكوى من أي مستخدم منذ العصور الغابرة
*******
هذه مجرد أمثلة لا تتطلب منا القيام بمجهودات خارقة، لا تتطلب بذل مال أو عرق، فقط خطوات بسيطة في المكان الصحيح
طبعا الأمر ليس بهذه السهولة، ليس بهذه المثالية، لو طلبنا من السلطة المحلية رصف شوارع الحي فلن نتلق شيئا مثل: سمعا وطاعة! رغباتكم أوامر معشر المواطنين.. ماذا لو حاولنا؟ ماذا لو قدمنا شكاوى عدة أنا وأنت وهو وهي وسائر سكان الحي؟
حتى ولو لم يحصل المراد فعلى الأقل حاولنا، لم نكتف بمجرد الثرثرة والإنتقاد في المجالس واللقاءات.. منطقيا: يستحيل فشل كل المحاولات
*******
أحيانا، يكثر أحدهم سرد عيوب البلد ويمر على جميع الوزارات، القطاعات العمومية، الشركات، الشعب، الجيران، الأشجار والعصافير! الجميع متخلف والبلاد كلها تحت الصفر، لا أحد يستحق الحياة وهو الوحيد صاحب الحلول الناجعة الكفيلة بالقضاء على كل مظاهر التخلف
تستوقفه وتطلب منه جوابا لسؤال واحد: لو حصل مكروه لأحدهم، ما هو رقم الطوارئ للإتصال بالإسعاف؟ يجيب: لا أعرف
*******
-مدونة: محمد من المغرب-
نقلا عم مجموعة " طـارق فـاروق " البريدية

الأربعاء، 6 يناير 2010

قصـة فلسطينيـة


أريد أن أخبر العالم قصة فلسطينية
I want to tell the world a Palestinian story
*******
عن بيت قنديله مكسور
About a home with a broken lantern
 *******
عن لعبتي المحروقة
And a burnt doll

*******
عن نزهة لم نتمتع بها
About a picnic that wasn’t enjoyed

*******
عن كيفية قتل الزنبقة
About an axe that killed a tulip

*******
عن النار التي حرقت الجديلة
A story about a fire that consumed a plait

*******
عن الدمعة التي لم تنهمر
a story about a tear that couldn't run down

*******
عن قصة العنزة التي لم تحلب
I want to tell a story about a goat that wasn’t milked

*******
عن عجين لاجئين لم يخبز
About a mother’s dough that wasn’t baked

*******
عن عرس لم يحتفل به
About a wedding that wasn’t celebrated

*******
وعن طفلة لم يسمحوا لها بأن تنمو وتكبر
And a baby girl that didn’t grow up

*******
وعن كرة قدم لم تقذف
About a football that wasn’t kicked

*******
وعن حمامة السلام قتلتها دبابة قتلة الأنبياء
About a dove that didn’t fly

*******
قصة مفتاح لم يستعمل من زمان طويل
I want to tell a story about a key that wasn’t used
*******
عن كتاب الله وماذا حصل له
About a book that wasn’t read

*******
عن حقل ومزرعة العجوز وعن فاكهتها التي لم تجنى
About a besieged lonely farm And about its fruits that weren’t picked

*******
وعن كِذبة السلام
About a lie that wasn't discovered

*******
وعن مسجد دمر
And a mosque that no longer stands
*******
وقصة حجر غلب دبابة
About a stone that faced a tank

*******
وعن علم عربي فلسطيني عنيد يرفض أن ينكس
And about a stubborn flag that refuses to lie down

*******
فلنبدأ باشعال شمعة لانارة الطريق لتحرير لفلسطين
Now light a little candle for Palestine

*******
شعاع نور لانارة ظلمة الليالي الداكنة
وجبروت الظلام في هذا العالم
فيا أيها العالم هل سمعت قصتي؟
*******
نقلا عن مجموعة " طارق فاروق "

الجمعة، 1 يناير 2010

مستقبل ملف حقوق الإنسان في ليبيا بعد زيارة منظمة 'هيومن رايتس ووتش' استطلاع للرأي لموقع المنارة للإعلام

المحامي خالد زيو

رأي الأستاذ خالد زيو

المحامي والناشط الحقوقي

إن تقرير ' هيومن رايش ووتش ' جاء دون المستوي المتوقع، ذلك أن زيارة هذه المنظمة الحقوقية الكبرى هي الزيارة الأولى من نوعها، و قد تضمنت لأول مرة إصدار تقرير عن أوضاع حقوق الإنسان في ليبيا ومن داخلها، و بالتالي فالحدث كان استثنائيا، و كان ينتظر أن يصدر تقرير استثنائي، إلا أن الأمر لم يتمخض في نهاية المطاف إلا عن تقرير يمثل مكررة ' لامزيدة و لا منقحة ' عن التقارير السابقة،وعلي ذلك فإنني سأمتنع عن إبداء أية ملاحظة بشأنه باعتبارها ستكون – بدورها – ملاحظات مكررة .

أما تقرير جمعية حقوق الإنسان فهو تقرير ملفت لا بسبب مضمونه ' و هو مضمون لا بأس به ' بل بوصفه سابقة نوعية لتقرير يتضمن انتقادات واضحة و لوقائع محددة و يصدر عن جهة اعتبارية تعمل من داخل ليبيا، و بالتالي و بصرف النظر عن الجدوى المنتظرة من وراء صدور هذا التقرير فإن مجرد صدوره هو خطوة يستحق الإشادة .

غير أنه لا يجب أن يغيب عنا أن حقوق الإنسان تقبل التدرج، و لكنها لا تقبل التجزئة و الفارق كبير بين المفهومين

فهي – أي حقوق الإنسان – تقبل التدرج بمعني أنه لا بأس أن يبدأ التصحيح والتصويب بشأنها بخطوات متلاحقة حتى نصل إلى مستوي مقبول من صيانة واحترام حقوق الإنسان في ليبيا وفقا للقواعد الحقوقية الدولية .

غير أن تلك الحقوق لا تقبل التجزئة، إذ لا يمكن التركيز علي بعض جوانب تلك الحقوق بمعزل عن جوانبها الأخرى، فالأمر يجب أن يبدأ في آن واحد في الجانب السياسي و الجانب الاجتماعي و الأمني و الاقتصادي .... الخ

غير أن الأهم من كل ذلك أنه قبل الحديث عن حقوق الإنسان يجب أن نعيد بناء الإنسان ذاته – قبل بناء حقوقه – و أعني بذلك أن نتفق بداية علي أن الكرامة الآدمية و العيش الكريم ليست من ضمن حقوق الإنسان بل هي الإنسان ذاته

و علي ذلك فإن الكلام عن استقلالية الصحف مثلا لن يجد صدي لدي سكان السيرتي و المحيشي وهم يغوصون حتى الأذقان في مستنقعات الصرف الصحي أمام أعتاب منازلهم، حتى إن أطفالهم لا يعبرون إلى مدارسهم إلا عبر مجارة تلقي في البركة السوداء كجسر يتضاءل دونه جسر البوسفور قبل أن يتواروا عن أنظار آبائهم خلف جبال من القامة تقف شامخة في كبرياء يسخر من كبرياء أهرامات الفراعنة .

أما الحديث عن قانون الجمعيات الأهلية فلن يثير اهتمام طوابير العاطلين عن العمل و من بينهم آلاف المدرسين – من علمونا الحرف – و قد ألقي بهم الي قارعة الطريق بعد أن أفنوا زهرة العمر، يحرق الطباشير عيونهم و يغتال غلاء المعيشة أحلامهم و يحول ضيق ذات اليد و بين الحياة اللائقة،و ليكون جزاؤهم بعدما يذلوا لبناء أجيال الوطن سنمار .

أما الصوت الذي يتحدث عن حرية التعبير فسيتلاشى قبل أن يصدر، طالما أن الوطن قد صار يضيق بأبنائه كما يضيق القبر بجثة فاسق فاجر، حتى صار حلم الهجرة يداعب خيال الكثير من شبابنا و حتى مراهقتنا .

و لن نجد من يأبه للحديث عن حقوق المرأة و حقوق الطفل طالما لم يتمتع المواطن الليبي بمرافق صحية تراعي الحد الأدنى من معايير الكفاءة و حسن الاستقبال، و لا يتوجه إليها المواطن حاملا طفله في ساعة متأخرة أو حتى متقدمة من الليل و النهار ألا و هاجس الخوف من الخطأ الطبي الذي هو أقوى من هاجس الخوف من المرض نفسه، و ما دام الليبيون مستمرون في التوجه للعلاج في دول ' لولا هذا الوقت العاهر ' لكان رعاياها هم من يتوافدون للعلاج لدينا ... لا العكس .

و لن يهتم جيل كامل من الليبيين بأي حديث عن حق ممارسة العمل السياسي طالما لم يعرض ذلك الجيل علي طبيب نفسي ضليع لعلاجه من آثار حقبة الثمانيات التي عانينا فيها من اقتصاد الحرب - و المشكلة أنه لم تكن هناك حرب – حيث كان الحديث آنذاك عن الأجبان و الفواكه و حتى الملابس رجعية سافرة و عمالة للإمبريالية، و كنا نصنع الأحذية يدويا عند خرازي الفندق،و كان الحصول علي ثلاجة أو موقد للطهو مستحيلا ما لم يكن لديك ' كتف ماكن ' في شركة الأسواق العامة التي سرقت و صارت أسواقها أطلالا تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد .

و من يستمرئ الحديث عن بناء المؤسسات أمام ضحايا حوادث المرور في ليبيا، طالما أن الدولة عندنا لم تجد حلا لتقويم شركات التأمين الفاشلة و المترهلة إداريا إلا أن تصدر قانونا يحدد سقف التعويض بدراهم معدودة، بينما يثمن باقي العالم حياة أبنائه بالملايين .... فلماذا كانوا فينا من الزاهدين ؟

و أعرج أخيرا و نحن بصدد استعراض تقريري ' هيومن رايتس و وتش ' و 'جمعية حقوق الإنسان في ليبيا ' علي الموضوع الأكثر سخونة و هو موضوع ضحايا سجن ' أبو سليم ' فأشير أولا إلى أن هذا الموضوع كتب فيه الكثير، و بالتالي فلن أسهب طويلا في الحديث و لأكتفي بتناول زاوية معنية من الموضوع أشدد فيها علي بعض المسلمات

أول هذه المسلمات إن ما حصل هو جريمة بشعة نكراء لا يمكن القبول بها، وإن هؤلاء الشهداء لاقوا وجه ربهم في لحظة غاب فيها الضمير و انزوت فيها الأخلاق بل و انعدمت فيها الرجولة ' فليس من الرجولة قتل الأسرى '

أما المسلمة الثانية فهي أن مسؤولية الدولة ثابتة عما حصل، بدليل عرضها للتعويضات علي ذوي الضحايا، و إن كان مجرد الإقرار بالمسؤولية هو خطوة في الاتجاه الصحيح .

غير أن الأسلوب الذي اتبع لمعالجة هذا الجرح النازف كان غريبا و كان سيئا بما فيه الكفاية، ذلك أنه حتى وفقا للعرف الاجتماعي في ليبيا لا يمكن عرض التعويض المالي علي الضحية أو ذويه قبل تسليم الجاني الي القضاء ' و هذا ما يتم حتى في حوادث السير البسيطة فما بالك بالقتل العمد '

و أنا أتعجب – حتى المرارة – من هؤلاء الذين يسمونهم ' قيادات اجتماعية ' و أسألهم : هل يقبل الليبي أن يخطف ابنه و يعدم ثم يرسل إليه ظرف مغلق به مبلغ مالي ثمنا لذلك الدم الطاهر ؟ و دون أن يحاط – علي الأقل – بظروف وفاته ومن قتلة و أين وُوري جثمانه ؟

و علي ذلك فإن الواضح أن الدولة أخطأت حين أوكلت مهمة معالجة المسألة لأشخاص ليسوا علي قدر المسؤولية المناطة بهم، فتتفق ذهنهم عن سيناريو للحل لا يمكن القبول به وفقا للأعراف و التقاليد الليبية ناهيك عن مخالفته لأبسط مبادئ العدالة و الإنصاف و الفطرة السوية .

و أخلص إلى القول بأنني – و كثيرون مثلي – لا ندعو الي الانتقام، بل ما يعنينا بالدرجة الاولي هو المصالحة و المصارحة و المكاشفة و تقديم كل شئ علي حقيقته ،و لا مانع لدي – و لدي كثيرين مثلي – من تجاوز هذه الصفحة السوداء، و أن نوكل الأمر إلى الله العزيز ذي الانتقام، و نلتفت الي صالح هذا البلد، و أن نترك من أخطؤوا ' و ضيقوها في وجه هذا الشعب الطيب ' لمواجهة الديّان الذي لا يموت و لنبدأ معا ' كلنا ' لإصلاح ما فسد و لنسر معا ' كلنا ' جنبا الي جنب و لنحاول السير بليبيا الي الأمام لعل الغد يجدنا في نقطة أبعد من اليوم .

و الله من وراء القصد

خالد زيو

المحامي


نقلا عن موقع المنارة للإعلام