السبت، 19 نوفمبر 2011

رائعة من روائع الشيخ عايض القرني


رائعة من روائع الشيخ عايض القرني  
  
على إسرائيل أن تطمئن ولا تخاف من مفاعلات إيران النووية، فلن تكون إيران أغْيَر من العرب على أرض العرب، ولن تكون أحرص على أرض الإسلام من سلالة المهاجرين والأنصار، وما دام العرب عجزوا عن فتح بيت المقدس، فإيران أذكى من أن تورّط نفسها في حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل. وبيت المقدس في التاريخ الإسلامي فُتِح مرتين على يد قائدين مسلمين عظيمين صالحين هما: عمر بن الخطاب وصلاح الدين الأيوبي تجمعهما التقوى والزهد والعدل والشجاعة، ولن يفتح بيت المقدس إلا قائد تقي زاهد عادل شجاع، ولا يفتحه قائد جاء على دبابة الاستعمار فلا بد للفتح من نكاح لا سفاح، وفي الحديث الصحيح: «الولد للفراش وللعاهر الحجر»، وغالب الرؤساء تولّوا برتبة عريف، فكان أول مرسوم لهم أن ترقوا إلى رتبة فريق، اقتباساً من الآية (فريق في الجنة وفريق في السعير)، أما الجيوش العربية فغالبها متهيئة للانقلابات في بلادها، فكل دولة عربية في ا لغالب تتربص بجارتها وتتوعّدها بالويل والثبور، وعظائم الأمور، وغالب الشوارع العامة في الدول العربية مرفوعة فيها أقواس النصر وصور القائد الرمز الملهم الضرورة، حتى أني دخلتُ بلداً عربيّاً، وإذا صورة الرئيس القائد على الجسور وعليه النياشين والنجوم، وعيناه كعيني الصقر، وهو يشير بيده للجماهير كأنه ليث كاسر وتحت قدميه عبارات سر بنا إلى الأمام، يا حبيب الملايين، ويا نصير المستضعفين، مع العلم أن ثلث الشعب من المشرَّدين، والثلث الآخر من المسجونين، والثلث الباقي يبيع الحلقوم والجوارب على طريق السالكين:
وحـدويّون والبلاد شظايـا ـ كل جزء من جسمهـا أجزاءُ
ناصريّون نصـرهم أين ولَّى ـ يوم داست على الخدود الحذاءُ؟
ماركسيّون والجماهير جوعى ـ فلمـاذا لا يشبـع الفقـراء؟
والعرب مشغولون بذكرى أعياد كبرى، مثل ثورة 7 تموز، يوم أكل الناس قشر الموز، وثورة 9 كانون يوم ذاق الشعب النون وما يعلمون، و5 آب يوم سفَّت الجماهير التراب، وهذه الثورة المجيدة تمّت بمؤامرة لاغتيال الرئيس السابق في آخر الليل، وبهذه الطريقة صار العرب نكرة في المحافل الدولية ولا يجوز الابتداء بالنكره ـ ومن أجاز ذاك فهو بقره.
والعرب شجعان في الحروب الأهلية أو مع جيرانهم العرب، ففتح وحماس، في كرب وباس، كل يحطّم رأس أخيه بالفاس، وحزب الله وعدنا بنصر الله في القدس، فإذا القتال في بيروت تحت شعار (إذا جاء نصر الله والفتح)، والسودان يفور، من الخرطوم إلى دارفور، كأنه على دافور، وقادة الجهاد السبعة في أفغانستان تقاتلوا في ما بينهم، وكل منهم مجاهد شهيد، وخصمه منافق رعديد، والسلاح العربي غالبه (خردة) انتهت صلاحيته؛ لأنه بيع في عهد برجنيف وبعضه من عهد ديغول، والجماهير تصفّق بمناسبة افتتاح مستوصف في قرية من القرى وفتح طريق مسفلت طوله 3 كم، وكثيرٌ من الشباب عاطل عن العمل بعدما أكمل دراسته إلى رابعة ابتدائي ليلي من محو الأمية، وأخذ كل شاب هراوة بيده، وهم يرقصون ويرددون (الحسود في عينه عود)، وما أدري من هو هذا الحسود الغبي الذي حسد العرب ولم يحسد أهل الاختراعات والاكتشافات، والذين احتلوا المريخ وعطارد بعدما احتلوا البحار والقفار، وأنزلوا حاملة الطائرات (إيزن هور) في مياه الخليج لتحمل مائة طائرة وكل مسمار من مساميرها كتمثال فخامة الرئيس، إذاً فعلى إسرائيل أن لا تخاف حتى يظهر مثل عمر وصلاح الدين؛ لأن الماركة مسجّلة والبضاعة لا بد أن تكون من شركة مكّة الربانيّة النبوية، عليها دمغة: (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) تربّوا في (بيوت أذن الله أن تُرفع) وهم من كتيبة (يحبهم ويحبونه) العلامة الفارقة (سيماهم في وجوههم)، والأمة التي رُزِقت عادل إمام سترزق بإمام عادل.

الأحد، 30 أكتوبر 2011

يا ليت قومي يعلمون


لماذا عندما ننادي بتطبيق الشريعة الإسلامية نجد الكثير من اللاءات " لا لا لا " وترى الكثير يردد " لا نريد مثل إيران وأفغانستان " !!! ، هل هذه تمثل الإسلام ؟؟ ،، أستغرب جهل الناس بدينهم ويظنون أن الإسلام متعارض مع المدنية ، أقول بملء الفم لا والله إن المدنية كلها والتسامح الديني والاقتصاد النزيه كله في شرع الله تعالى ،، إليكم بعض الأمثلة على ذلك .... أول وثيقة مدنية راقية تنظم العلاقة بين الناس في مدينة من المدن والعلاقة بين الأديان وتعتبر دستورا بمصطلحنا الحديث هي التي الوثيقة التي عقدها الرسول - صلى الله عليه وسلم - لتنظم الحياة في المدينة المنورة بين المسلمين واليهود والبعض الذين بقوا على وثنيتهم ،،، وأول وثيقة لحقوق الإنسان جملة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الشهيرة ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ) ، وعناية الإسلام بالاقتصاد وأموال الناس هو تحريمه للربا وآثاره السيئة على الاقتصاد كما نراه جلياً الآن في أكبر اقتصادات العالم في أوروبا وأمريكا وآسيا ،، فهل بعد هذا كله نرفض تطبيق شريعتنا الغراء ،، أخي لا تنظر إلى تجارب غيرننا ممن ادّعوا تطبيق شرع الله فهم لا يمثلون الإسلام ،، أما الشريعة الإسلامية في حد ذاتها فهي السعادة في الدنيا والآخرة ..
ويهدي الله الجميع إلى ما فيه الخير والصلاح ..

الخميس، 28 يوليو 2011

نظرة في خطاب الاستقلال


كلمة ألقاها الملك إدريس السنوسي بمناسبة حدث الاستقلال السعيد من شرفة قصر المنارة في بنغازي: اجتمع الليبيون في يوم الرابع والعشرين من ديسمبر 1951م حول قصر المنارة بمدينة بنغازي للاستماعِ إلى الملك إدريس السنوسي معلناً استقلال ليبيا، ونص كلمته جاء كما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى شعبنا الكريم
يسرنا أنّ نعلن للأمّة الليبيّة الكريمة أنه نتيجة لجهادها وتنفيذاً لقرار هيئة الأمم المتحدة الصادر في 21 نوفمبر 1949م قد تحقق بعون الله استقلال بلادنا العزيزة، وإنا لنبتهل إلى المولى عز وجل بأخلص الشكر وأجمل الحمد على نعمائه، ونوجه إلى الأمّة الليبيّة أخلص التهاني بمناسبة هذا الحدث التاريخي السعيد، ونعلن رسمياً أنّ ليبيا منذ اليوم أصبحت دولة مستقلة ذات سيادة. وبناء على قرار الجمعيّة الوطنيّة الليبيّة الصادر بتاريخ 2 ديسمبر 1950م نتخذ لنفسنا لقب ملك المملكة الليبيّة المتحدة.
ونشعر أيضاً بأعظم الاغتباط لبداية العمل منذ الآن بدستور البلاد كما وضعته وأصدرته الجمعيّة الوطنيّة في 6 من محرم سنة 1371 هجريّة الموافق 7 أكتوبر 1951م ميلاديّة. وإنه لمن أعز أمانينا، كما تعرفون، أن تحيا البلاد حياة دستوريّة صحيحة، وسنمارس من اليوم سلطاتنا وفقاً لأحكام الدستور.
ونحن نعاهد الله والوطن في هذه الفترة الخطيرة التي تجتازها البلاد أنّ نبذل كلّ جهدنا بما يعود بالمصلحة والرفاهيّة لشعبنا الكريم حتى تتحقق أهدافنا الساميّة، وتتبوأ بلادنا العزيزة  المكان اللائق بها بين الأمم الحرة.
وعلينا جميعاً أنّ نحتفظ بما قد اكتسبناه بثمن غال، وأنّ ننقله بكلّ حرص وأمانة إلى أجيالنا القادمة، وإننا في هذه الساعة المباركة نذكر أبطالنا ونستمطر شآبيب الرحمة والرضوان على أرواح شهدائنا الأبرار ونحيي العلم المقدس رمز الجهاد والإتحاد وتراث الأجداد، راجين أنّ يكون العهد الجديد الذي يبدأ اليوم عهد خير وسلام للبلاد، ونطلب من الله أنّ يعيننا على ذلك ويمنحنا التوفيق والسداد إنّه خير معين. ( انتهت كلمة الملك بمناسبة حدث الاستقلال التاريخي السعيد).   
    
وبعد أنّ أمعنتُ النظر في معاني هذه الكلمة التاريخيّة وشخصيّة قائلها ( والكلام هنا لصاحب المقال )، أحببت أن أقف عندها واعلق عليها في شكلِ مختصر أضعه في النقاط التالية: 
النقطة الأولى: عبرت هذه الكلمة التاريخيّة عن مدى ارتباط الملك إدريس السنوسي بالقيم الإسلاميّة حيث بدأ كلمته بالبسملة والحمد والثناء والشكر للمولى عز وجل، وختمها بالدعاء وطلب العون من خير معين.
النقطة الثانية : رأينا الملك في هذا الخطاب ما ذكر كلمة الأمّة أو الشّعب إلاّ وأقرنها بصفة الكريم  كقوله : إلى شعبنا الكريم..ونعلن للأمّة الليبية الكريمة.. بما يعود بالمصلحة والرفاهيّة لشعبنا الكريم. ورأيناه ما ذكر كلمة البلاد إلا وأقرنها بصفة العزيزة كقوله: تحقق بعون الله استقلال بلادنا العزيزة.. حتى تتحقق أهدافنا الساميّة، وتتبوأ بلادنا العزيزة  المكان اللائق بها بين الأمم الحرة. 
النقطة الثالثة: رأينا الملك في هذا الخطاب، لم يذكر اسم عائلته "العائلة السنوسيّة" أو ينسب إليها الفضل رَّغم أنّها صاحبة دعوة ومنهج علمت الناس علوم دينهم ونشرت الدين في أفريقيا وغيرها من قارات العالم، وحارب أعضاؤها وأتباعها فوق ظهور الخيل ضد الاستعمار الإيطالي في ليبيا، والبريطاني في مصر، والاستعمار الأوربي بصفة عامة في تشاد والنيجر والسودان والجزائر. وتجنب ذكر اسم عائلته تواضعاً منه لا نكراناً لدورها، وخوفاً من أنّ يبخس حق قبائل وعائلات أخرى ساهمت بجهود جبارة في نشر الدعوة الإسلاميّة وتحرير الوطن، كذلك، لأنّه أراد أنّ يبدأ العهد الجديد بالجميع ولأجل الجميع. ورأيناه في هذا الخطاب، لم ينسب فضل الاستقلال إلى نفسه كما يفعل كثيرون من القادة رغم أنّه هو من قاد الجهاد و المفاوضات والجهود الدبلوماسيّة التي توجت بالاستقلال، بل، استمعنا له وهو ينسب الفضل إلى العون الإلهي وجهاد كافة الليبيّين وقرار هيئة الأمم المتحدة الصادر في 21 نوفمبر 1949م.   
النقطة الرابعة: لاحظنا أنّ كلمته عبرت عن حرصه التام في أنّ يحكم الدستور البلاد، ويكون الناس أجمعين سواسيّة أمام القضاء والقانون، ولذا، حرص على قول أنّ لقب ملك الذي اتخذه لنفسه إنّما هو تنفيذاً لقرار الجمعيّة الوطنيّة الليبيّة الصادر بتاريخ 2 ديسمبر 1950م . كذلك، جاء في فقرة من خاطبه أنّه يتمنى أن تحيا البلاد حياة دستوريّة صحيحة، ووعد الشعب الليبي بأنّه سيمارس سلطاته وفقاً لأحكام الدستور لا لأيّ شيء أخر.
النقطة الخامسة: رأينا الملك في هذه الكلمة الموجزة المعبرة لم يغفل أنّ يُذكر نفسه وكافة أبناء شعبه بالشهداء الأبطال الذين دافعوا عن دينهم وحاربوا فوق ظهور الخيل المستعمر الإيطالي البغيض، ورأيناه، يختم كلمته بالدعاء لهم ويستمطر شآبيب الرحمة والرضوان على أرواحهم. ورأيناه، يُذكر بقيمة ورمزيّة علم البلاد، والذي دعا إلى تحيته والإنحاء له لأنّه رمز الجهاد والإتحاد وتراث الأجداد. 
النقطة السادسة: جاءت كلمة الملك إدريس السنوسي قصيرة جداً، ومعبرة جداً، وهي تعبر على نحو ما عن شخصيّة الملك المؤمنة بالحكمة القائلة "خير الكلام ما قل ودل"، فرأيناه يطبق هذه الحكمة بحذافيرها منذ أول كلمة رسميّة يُلقيها على مسامع الليبيين.
هكذا كان الملك إدريس حكمياً وفياً صادقاً، وحريصاً على مصلحة الشّعب الليبي ورفاهيته، وهادفاً إلى أنّ تتبوأ ليبيا المكان اللائق بها بين الأمم الحرة. هكذا كان، واستمر طيلة سنوات حكمه.  
وأخيراً.. جاءت هذه الوقفة من باب الإشارة إلى القيم والمعاني التي تضمنها هذا الخطاب التاريخي الهام.. والكيفيّة التي كان الملك يخاطب بها الشعب الليبي، لا من باب عقد مقارنة بينه وبين من تعود على مخاطبة الليبيّين لساعات طوال في خطابات لا تحتوي إلاّ على إرهاب الناس وتضليلهم، ونشر الفساد والتخريب، وتلويث كلّ شيء في حياة الليبيّين، وهي أيّ "خطابات القذافي" مصاغة بأسلوب استفزازي استعلائي فيه استهزاء بتاريخ الليبيّين واستخفاف بعقولهم وتحقير لذواتهم والعياذ بالله .
ومجدداً، أقول من باب الإشارة لتتعظ الأجيال القادمة وترسم مستقبلها على نحو لا يمنح لأمثال القذافي موقعاً في أيّ سلطة قادمة أو أيّ دائرة من دوائر صنع القرار. وأؤكد أنّها إشارة فحسب لا مقارنة بين ملك حكيم تقي ورع، وحاكم خبيث معجون بماء الشيطان، لأنّ ..(.. المقارنة بين معمر القذافي والملك المرحوم محمّد إدريس السنوسي مقارنة ظالمة بكل المقاييس.)، كما قال الأستاذ/ عبد الحميد البكوش.

نقلا عن سلسلة حلقات ( هدرزة في السياسة والتاريخ ) الجزء الأول – الحلقة الثالثة " هوامش "  / للأستاذ : الصادق شكري