الأحد، 31 يناير 2010

الخلخال يرن.. والمصران يزُن


طارق عبد السلام الهوني 

ليبيا ستطلق 150 مليار دولار خلال الثلاث سنوات القادمة وتخصص 57 مليار دينار مع شوية "رقاق" في خانة مئات الملايين ..    


الرقمان أعلنهما أمين اللجنة الشعبية العامة الأول مخصص للاستثمار في مشروعات تتعلق بالسياحة والصناعة والزراعة والثاني مخصص لميزانية سنة 2010 التي ستشهد بعد أشهر حدثا يدير أعناق أكثر من مليار نسمة ويلفت وجوههم نحو جنوب القارة الفقيرة ويجبرها على التسمر أمام الشاشات للفرجة وبأنبهار على كرنفال إفتتاح كأس العالم ومتابعة أحداثه التي ستدور على منشآت ومرافق وبنى تحتية أستحدثت مؤخرا وخلال سنوات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة وبقيم  وأرقام من نفس سلالة التسع أصفار التي يعلن عنها عندنا في بداية كل عام ولا نراها تثمر أو تنبت..!   

هذه الإشارة ليست للتقليل من هيبة الرقم الأول أو للتصغير من فخامة الثاني بقدر ما هي إشارة لما يمكن أن يفعله وما يعنيه المليار في أضخم الأحداث الدولية والمهرجانات العالمية .. بمعنى أن الأرقام ذات التسع أصفار لا بد وأن تصنع شيئاً ولا يمكن إلا وأن ترى وتكون واضحه للعيان حتى ولو تصرف على اللعب واللهو فما بالك حين توظف للمعيشة وتنفق على الأكل والشرب..!   
سنوات عدة تمر وتتوالى وتتراصف لتصبح عقودا ونحن نسمع في بداية كل سنة منها عن مثل هذه الفصيلة من الأرقام الضخمة لنطلع في نهاية كل عام منها على تقارير وميزانيات تؤكد وبالدراهم آلية صرفها على القطاعات النوعية التي تفرقها وتجزئها لنا مقابل بنود تقول بأنها قد وفرتها وأنجزتها على أرض الواقع..!!  
وأصبح الأمر أشبه بما يعرف في لغة السوق ((شراء جملة وبيع قطاعي)) وتحول المشهد إلى رزم من المليارات معروضة في (فترينة) الخزينة العامة يتقدم لها تاجر جملة (وزارة) لشرائها بضمان سمعه ونزاهة القائمين عليها فقط لتولي الإشراف على إعادة تصديرها وتسويقها مجزئة كخدمات وسلع يحتاجها المواطن البسيط في حياته على أن يتم ذلك وفقاً لما يحددونه هم ويرونه مناسبا لمصلحة المستهلك النهائي الذي يبدو أنه غير رشيد للقيام بذلك أو المساهمة فيه ولا يجب عليه سوى مد اليد والوقوف بلا اعتراض في طوابير لإستلام الخدمة على أن لا ينسى الدعاء والشكر والابتسامة لهم لمجرد أن يتم ذلك..!   
نعم نحن عند الجهاز الإداري للدولة "حيا الله" زبون نقناق يقف في آخر الطابور لا يشعر بمعاناة إيصال الخدمات التي بين يديه ويجحد جودتها وينكر رفاهيتها بل وأنه مزعج وممل حتى في سداد قيمتها التي عليه.. بينما نحن في المقابل "نتخيل" عدم إنجاز وتوفر الخدمة والسلعة من الأساس ونظن بأنها رديئة في حال ما توفرت.. وهذا عيب فينا نأمل من "الحكومة" أن لا تأخذنا بذنبه..   نأكل وننكر.. 
ونملاء المعدة أكثر من اللازم ثم ننام ونحلم بأننا بلا سكن ولا عمل ولا مجاري ولا كباري وكلما نتقلب في الفراش نعتقد بأن الطرق غير ممهدة وملأى بالحفر والمطبات بل وأحيانا نمشي أثناء النوم في الشوارع ونرى المدارس مكتظة بالتلاميذ والمستشفيات ملأى بالمرضى وهدم هنا وبناء هناك وحدائق وخضرة وخضار "وعوضين" في وسط البراكة يبيع والحليب يصل أمام الباب والجريدة تحته.... و"نوض" يا ناكر المعروف!!!..

نقلا عن موقع " ليبيا اليوم "

ليست هناك تعليقات: